الجمعة، 9 مارس 2012



 دراسة تاريخية للحركة التعليمية في عهد
(الملك ( عبد العزيز آل سعود )


إعداد
د./ مجدي محمد يونس

مجلة البحوث النفسية والتربوية ـ جامعة المنوفية

مقدمة:
الحمد لله وكفى,والصلاة والسلام على النبي المصطفى,أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد النبي الأمي الأمين..ثم أما بعد..
فالتاريخ هو دراسة الماضي,والماضي متصل بالحاضر,وهذا الحاضر يتصل بدوره بالمستقبل,ومن ثم فإن دراسة أي علم من العلوم تظل منقوصة ما لم ندرس نشأة ذلك العلم وتطوره عبر السنين,ومن هنا تأتي هذه المحاولة للبحث في تاريخ التربية وتاريخ التعليم في المملكة في عهد الملك المؤسس"عبد العزيز آل سعود"طيب الله ثراه,والتي تعد حلقة أولى من حلقات بحثية ينوي الباحث القيام بها بإذن الله-بغرض تتبع النهضة التعليمية في المملكة منذ قيام الدولة السعودية الثانية حتى الوقت الحالي و بغرض التعرف على جذور هذه النهضة التعليمية الكبرى التي يشهدها المجتمع السعودي في الوقت الحالي,والتي أفرزت العديد من المؤسسات التعليمية و الكثير من أنواع التعليم وتخصصاته المتباينة.
مشكلة البحث:
تنحصر مشكلة البحث في الإجابة عن السؤال الرئيسي التالي:
v   ما التطورات التي حدثت في كل مراحل التعليم في عهد الملك عبد العزيز آل سعود؟
ويتفرع عن هذا السؤال الأسئلة التالية:
1-ما حالة التعليم في المملكة قبل توحيدها على يد الملك عبد العزيز؟
2-ما واقع التعليم الابتدائي في المملكة في فترة مديرية المعارف؟
3-ما واقع التعليم الثانوي في المملكة في فترة مديرية المعارف؟
4-ما واقع التعليم الفني في المملكة في فترة مديرية المعارف؟
5-ما واقع التعليم العالي في المملكة في فترة مديرية المعارف؟
6-ما الجهود التي بذلت في مجال محو الأمية وتعليم الكبار في عهد الملك عبد العزيز آل سعود؟
منهج البحث:
سوف يعتمد البحث الحالي على منهج البحث التاريخي في تتبعه لمرحل النمو و تطور التعليم في المملكة في عهد الملك
عبد العزيز.
حدود البحث:
تقتصر حدود البحث على الفترة التي تأسست فيها المعارف و يستمر حتى تاريخ إنشاء وزارة المعارف وهذه الفترة تبدأ
تاريخياً من عام 1344هـ حتى عام 1373هـ.


خطة البحث:
و للإجابة عن تساؤلات البحث فإن الباحث سوف يسير في خطته على النحو التالي:
أولاً:حالة التعليم قبل توحيد المملكة العربية السعودية.
ثانياً:التعليم الحديث و تطوره في عهد الملك عبد العزيز آل سعود وسوف نتعرض في هذا الجزء للحديث عن:
1-نبذة مختصرة عن مديرية المعارف.
2-التعليم الابتدائي في عهد الملك عبد العزيز.
3-التعليم الثانوي في عهد الملك عبد العزيز.
4-التعليم الفني في عهد الملك عبد العزيز.
5-التعليم العالي في عهد الملك عبد العزيز.
6-جهود محو الأمية و تعليم الكبار في عهد الملك عبد العزيز.
أولاً:حالة التعليم قبل توحيد المملكة العربية السعودية:
لكي نقف على معالم النهضة التعليمية في عهد الملك عبد العزيز برى الباحث ضرورة التعرف على حالة التعليم في المملكة قبل توحيدها,وقبل أن نخوض في الحديث عنها يود الباحث أن يشير إلى أن كل ما كتب عن تاريخ الحركة التعليمية في المملكة قبل توحيدها يشير إلى أن شبه الجزيرة العربية كانت خلواً من المدارس بمعناها المعروف وذلك باستثناء بيوت بعض العلماء في كل من نجد و الإحساء فالأتراك لم يتركوا أثرا يذكر أثناء حكمهم في شبه الجزيرة العربية من هذه الناحية,لأن كل جهودهم انحصرت في إنشاء بعض المدارس الابتدائية الصغيرة التي لم يكن الإقبال عليها يذكر لما كان يحوطها من الشبهات و لما كان يتم فيها من تدريس باللغة التركية دون اللغة العربية و ففي إقليم الإحساء الواسع لم يكن هناك سوى مدرسة ابتدائية صغيرة وكذلك الحال بالنسبة للحجاز,وهذه المدارس تركز فقط على حفظ المعلومات واستظهارها.
و في مكة المكرمة كانت جهود التعليم تتلخص في طلب العلم في حلقات الدرس التي كان ينظمها العلماء في المسجد الحرام ,أو في المدارس التي ينشئها المحسنون,وفي بعض دور العلماء الذين كانوا يمنحون طلابهم دروساً خاصة وتعد نهاية القرن الثالث عشر الهجري بداية إرهاصات تعليمية لاحت في أفق شبة الجزيرة العربية و تمثلت في جهود ومبادرات فردية أدت إلى إنشاء بعض المدارس الدينية التي أسهمت في وضع الأساس للتعليم الحديث و من هذه المدارس (المدرسة الرشيدية,والمدرسة الصولتية1292هـوالمدرسة الفخرية ومدرسة الفائزين و مدرسة الفلاح1323هـ والمدرسة الهاشمية)
ثانياً:التعليم الحديث و تطوره في عهد الملك عبد العزيز:
بداية يسلم الباحث بأن التعليم الحديث في المملكة العربية السعودية بدأ جنباً إلى جنب مع إنشاء الدولة السعودية و تثبيت دعائمها على يد الملك المؤسس"عبد العزيز آل سعود"فعندما دخل الملك عبد العزيز مكة المكرمة في عام 1343هـ حاملاً دعوة الوحدة والنهضة الجديدة كان أول أعماله الدعوة إلى اجتماع تعليمي التقى فيه مع علماء مكة المكرمة وحثهم على نشر العلم و التعليم و التوسع فيه,ومما يؤكد حرصه-رحمة الله عليه-على نشر التعليم و الاهتمام بع أنه قبل أن يصدر التعليمات الأساسية لنظام الحكم و الدولة الجديدة في 21من شهر صفر عام 1345هـ,كان قد أعلن إنشاء مديرية المعارف لتكون الجهة الرسمية المسئولة عن تسيير أمور التعليم في الأول من شهر رمضان عام 1344هـ واضعاً بذلك الأساس لأول مؤسسة تعليمية مسئولة عن التعليم الحديث في المملكة.
وبذلك اعتبرت مديرية المعارف على اللبنة الأولى لبناء نظام تعليمي حديث,ومن هنا لزم علينا أن نتعرض بالحديث عن
مديرية المعارف في السطور التالية:
  مديرية المعارف(1344-1373):
أصدر الملك عبد العزيز التعليمات الأساسية لنظام الحكم عام 1345هـ وقد تضمنت المادة(23)من هذه التعليمات تعريفاً
لأمور المعارف و النواة الأولى لسياسة التعليم في المملكة و قد نصت هذه المادة على أن أمور المعارف العمومية هي عبارة عن نشر المعارف و العلوم والصنايع و افتتاح المكاتب و المدارس وحماية المعاهد العلمية مع فرض الدقة و الاعتناء بأمور الدين الحنيف و أصوله في كافة المملكة الحجازية وبهذا باشرت مديرية المعارف الإشراف على التعليم في مدارسها في غرة المحرم من عام 1345هـ.
وإيماناً من الملك عبد العزيز بضرورة وأهمية التعليم في تحديث دولته فقد أصدر أمراً ملكياً تحت رقم 137 في 29/1 من عام 1346هـ والذي تألفت بموجبه(لجنة التفتيش والإصلاح)والتي انبثق منها(مجلس المعارف),وقد قام هذا المجلس بوضع نظام التعليم في الحجاز و السعي لجعل التعليم الابتدائي إجبارياً ومجانياً ونص أيضاً على أن التعليم يتكون من أربع مراحل تعليمية هي:
1-المرحلة التحضيرية.
2-المرحلة الابتدائية.
3-المرحلة الثانوية.
4-المرحلة العالية.
ومن خلال هذا المجلس المعروف باسم مجلس المعارف عرفت البلاد نظاماً تعليمياً بالمعنى الحديث الذي يستهدف توحيد التعليم و توفيره للجميع و يقرر شموليته و تعميمه كما يضع سلماً تعليمياً يتدرج فيه الطالب من بداية حياته التعليمية وحتى يتم تأهيله تأهيلاً عالياً.
ولكن على الرغم من ذلك فإن قيام نظام وطني شامل للتعليم لم يتحقق بالفعل حتى قامت المملكة العربية السعودية 3من جمادى الأولى عام1351هـ,لأنه بعد قيام المملكة اتسعت صلاحيات مديرية المعارف وأصبحت مسئولة عن شئون التعليم في المملكة  بأسرها وصدر لها نظام جديد في عام 1357هـ ظل مصاحباً لها حتى أنشئت وزارة المعارف عام 1373هـ.
وقد استطاعت مديرية المعارف -التي كانت تحظى باهتمام كبير من قبل الملك عبد العزيز-أن تحقق الكثير من الانجازات
التعليمية في جميع مراحلها و تخصصاتها وهذا ما سوف يعرض له الباحث في الصفحات التالية:
1-بالنسبة لمرحلة التعليم الابتدائي:
انقسم التعليم الابتدائي في عهد الملك عبد العزيز إلى ثلاثة أقسام وهي:
-المدارس التحضيرية.
-المدارس القروية.
-المدارس الابتدائية.
وسنتحدث عن كل منهم بشيء من التفصيل.
أ-المدرسة التحضيرية:
كانت مدة الدراسة بها 3 سنوات ويشترط لالتحاق التلميذ بها بلوغه سن السادسة,كما كان يشترط في التلميذ الذي يلتحق
بها أن يكون قد قطع شوطاً من التعليم في الكتاب.وكان التلميذ الذي يتم تعليمه في المدرسة التحضيرية يلتحق بالمدرسة الابتدائية التي كانت مدة الدراسة فيها 4 سنوات وكان من أهم ما يميز المناهج التي تدرس في المدرسة التحضيرية هو اهتمامها بالعلوم الدينية وحرصها على تزويد التلميذ بقدر كاف من العلوم العامة التي تمكنه من الالتحاق بالمدرسة الابتدائية التي كانت بدورها تعد التلاميذ الذين يتخرجون فيها للعمل في الدوائر الحكومية لخدمة البلاد و سد حاجاتها من الأفراد الذين يجيدون القراءة و الكتابة,والجدول التالي يوضح الخطة الدراسية التي كانت معتمدة في المدارس التحضيرية حتى عام 1361هـ.
جدول رقم (1)يوضح الخطة الدراسية للمدرسة التحضيرية حتى عام 1361هـ
المادة
السنة الأولى
السنة الثانية
السنة الثالثة
القرآن الكريم
الهجاء
التوحيد
الفقه
التجويد
الإملاء
القراءة
الخط
الحساب
مبادئ السيرة
دروس الصحة
الأخلاق
6
12
2
2
-
-
2
3
3
-
-
-
18
-
2
2
-
4
3
3
2
-
-
-
12
-
3
2
1
4
3
3
2
2
1
1
المجموع
30
34
34

وفي عام 1361هـ رأى المسئولون عن التعليم دمج هذه المرحلة التحضيرية مع المدرسة الابتدائية لتصبح الدراسة فيها 6 سنوات يطلق عليها اسم المرحلة الابتدائية و بالفعل ألغيت المرحلة التحضيرية عام 1361 هـ وصدت خطة أخرى للدراسة الابتدائية الموحدة ذات الست سنوات بموجب الأمر السامي رقم 28.2في26/2/1361هـ.
ب-المدارس القروية:
ولكي يضمن القائمون على شئون التعليم محاصرة الأمية و عدم انتشارها تم التفكير في إنشاء مدارس بالقرى تهدف إلى تعميم التعليم في القرية إلى جانب المدينة,وبذلك صدر نظام المدارس القروية تحت رقم(12379)في 15/9/1364هـ وقد حدد هذا النظام عدد تلاميذ المدرسة القروية بما لا يزيد عن (60)تلميذاً فإن زاد العدد على ذلك أطلق عليها اسم مدرسة ابتدائية,ويطبق عليها منهج المدرسة الابتدائية,وكانت مدة الدراسة في هذه المدارس القروية أربع سنوات,واستمرت هذه المدارس في الانتشار حتى ألغتها وزارة المعارف عام 1373هـ وكان عددها قد بلغ في عام 1371هـ(210)مدرسة تضم فيما بينها (283317)تلميذاً.
وقد كانت خظة الدراسة القروية تسير وفقاً لما هو موجود في الجدول التالي:

جدول رقم(2)يوضح الخطة الدراسية للمدرسة القروية حتى عام 1373هـ.
المادة
السنة الأولى
السنة الثانية
السنة الثالثة
السنة الرابعة
الهجاء
القرآن الكريم
التوحيد
الفقه
الإملاء
الخط العربي
المطالعة
الحساب
تاريخ السيرة النبوية
10
8
2
2
-
2
-
-
-
-
12
2
2
4
2
-
2
-
-
12
2
2
3
2
1
2
-
-
10
2
2
3
2
1
2
2
المجموع
24
24
24
24

و بالنسبة للسنة الأولى فقد كان المنهج المذكور في الجدول أعلاه يدرس في الشهرين الأخيرين فقط من السنة الدراسية التي كانت مدتها تسعة أشهر,أما الأشهر السبعة الأولى فقد كانت تخصص كلها لتعليم التلاميذ الهجاء,وكانت المدرسة القروية تمنح خريجيها وثيقة بمثابة مؤهلاً يعتمد عليه لقبول الخريج في الصف الخامس الابتدائي بالمدرسة الابتدائية التي كان مقرها المدن.
ج-المدارس الابتدائية:
كانت مدة الدراسة بها أربع سنوات ويشترط للالتحاق بها حصول التلميذ على شهادة المرحلة التحضيرية,وتعتبر المدرسة الرحمانية-نسبة إلى المرحوم عبد الرحمن آل سعود والد الملك عبد العزيز-أول مدرسة ابتدائية بالمملكة,كما كان المنهج الذي يدرس فيها هو المنهج الذي أعده الشيخ محمد كامل القصاب عام 1345هـ,وقد شهدت مناهج الدراسة وخطتها في هذه المدرسة عدة تطورات حتى استقرت في عام 1355هـ,على خطة دراسية استمرت تدرس فيها حتى عام 1361هـ تم دمج هذه المدرسة التحضيرية كما سبق أن أشرنا و الجدول التالي يوضح خطة الدراسة التي كانت متبعة في المدرسة الابتدائية حتى عام 1361هـ.







جدول رقم (3)يوضح الخطة الدراسية للمدرسة الابتدائية:
المادة
السنة الأولى
السمة الثانية
السنة الثالثة
السنة الرابعة
القرآن الكريم
التجويد
التوحيد
الفقه
التهذيب
المحادثة
الإنشاء
المطالعة
الإملاء
الخط
المحفوظات
القواعد
التاريخ
تقويم البلدان
الصحة
الحساب
الهندسة
مسك الدفاتر
اللغة الانجليزية
3
1
3
3
1
2
-
2
2
2
1
3
2
-
1
4
-
-
4
3
-
3
3
2
1
1
1
2
2
1
3
2
1
1
4
-
-
3
2
-
2
3
2
1
1
1
1
2
1
3
2
2
-
5
1
1
3
2
-
2
3
1
-
2
1
1
2
1
3
2
2
-
5
1
1
4
المجموع
34
33
33
33

*المدرسة الابتدائية الموحدة:
ذكرنا من قبل أن المدرسة التحضيرية و المدرسة الابتدائية تم دمجها في مرحلة واحدة عرفت باسم/المرحلة الابتدائية وأصبحت الدراسة فيها مدتها 6 سنوات وقد صدر لهذه المدرسة منهج جديد تم التصديق عليه من المقام السامي في 26/2/1361هـ والجدول التالي يوضح خطة الدراسة في المدرسة الابتدائية الموحدة,ويلاحظ أن هذه الخطة ظلت معتمدة وتدرس في المدرسة الابتدائية الموحدة من عام 1361هـ حتى عام 1373هـ.


جدول رقم (4)يوضح الخطة الدراسية للمدرسة الابتدائية الموحدة عام 1373هـ
المادة
السنة الأولى
السنة الثانية
السنة الثالثة
السنة الرابعة
السنة الخامسة
السنة السادسة
القرآن الكريم
التجويد
التوحيد
الفقه
التهذيب
القواعد
المطالعة
الإملاء
الإنشاء
الخط
المحفوظات
التاريخ
تقويم البلدان
الصحة
الحساب
الهندسة
18
-
2
2
-
-
-
-
-
4
-
-
-
-
2
2
15
-
2
2
-
-
3
6
-
3
-
-
-
-
3
-
12
-
3
3
-
-
3
4
-
3
-
2
-
-
4
-
6
1
3
4
-
-
2
3
2
2
1
2
-
-
4
-
3
-
3
4
1
3
2
2
2
2
1
2
1
-
5
-
3
-
2
4
1
4
2
2
2
2
1
2
2
1
5
2
المجموع
28
34
34
34
34
34

وفي المرحلة الابتدائية الموحدة كان يعقد امتحانان لتلاميذ هذه المدرسة الأول يعقد بعد السنة الرابعة و الثاني يعقد بعد
السنة السادسة و يحصل الناجحون في هذا الامتحان على الشهادة الابتدائية التي تمكنهم من الالتحاق بالسنة الأولى ثانوي.
2-بالنسبة للتعليم الثانوي:
كان التعليم الثانوي يبدأ مباشرة بعد انتهاء التلميذ من التعليم الابتدائي حيث لم تشهد هذه الفترة الزمنية التعليم المتوسط لأنه جزء من التعليم الثانوي الذي كانت مدة الدراسة فيه ست سنوات يتقدم خلالها التلاميذ للالتحاق مرتان الأولى بعد مرور 3 سنوات من الدراسة فيها حيث يعقد امتحاناً عاماً لشهادة الكفاءة المتوسطة في نهاية السنة الثالثة,والناجحون في هذا الامتحان يواصلون دراستهم لمدة ثلاث سنوات أخرى حيث يعقد امتحاناً في نهاية السنة السادسة و الناجحون فيه يواصلون على الشهادة التوجيهية التي تمكنهم من الالتحاق بالتعليم العالي.
ومما هو جدير بالذكر أنه لم يكن هناك تعليم ثانوي نظامي قبل عام 1373هـ,ولكن كان هناك مدارس تمنح طلابها شهادات تعادل الثانوية العامة.وكان الطلاب الذين يحملون هذه الشهادات يرسلون إلى المعاهد و الجامعات المصرية لمواصلة دراستهم الجامعية و العالية,إلا أن هؤلاء الطلاب كانوا يواجهون بعض الصعوبات نتيجة لاختلاف المناهج الدراسية في المملكة عن المناهج المصرية.ولكن تسهم مديرية المعارف في القضاء على هذه الصعوبات التي كانت تواجه الطلاب المبتعثين إلى مصر,أقدمت مديرية المعارف على افتتاح عدد من الدارس الثانوية النظامية الحديثة وكانت أولى هذه المدارس هي (مدرسة تحضير البعثات)في مكة المكرمة التي افتتحت عام 1355هـ.
وسوف نعرض فيما يلي للمدارس التي تمثل المرحلة الثانوية و التي تمنح شهادات تعادل الثانوية العامة في عهد الملك عبد العزيز.
أ-مدرسة تحضير البعثات:
بدء من عام 1373هـ اتجهت مديرية المعارف إلى إرسال بعثات من الطلاب السعوديين لمتابعة دراستهم الجامعية في مصر,وقد كان من الطبيعي أن يواجه هؤلاء الطلاب بعض الصعوبات التي أشرنا إليها سابقاً,ولكي تزلل المديرية هذه الصعوبات أنشأت مدرسة تحضير البعثات التي كان الهدف منها إعداد الطلاب السعوديين للالتحاق بالجامعات المصرية ومن ثم كان من الطبيعي أن تكون مناهجها الدراسية شبيهة بالمناهج المصرية في ذلك الوقت باستثناء مواد الثقافة الإسلامية و اللغة العربية.
وقد شهدت الدراسة بهذه المدرسة عدد من التطورات فلقد بدأت الدراسة الفعلية في هذه المدرسة في محرم من عام 1356
هـ,و في عام 1358هـ أصبحت الدراسة الثانوية تشتمل على مرحلتين:
الأولى مدتها 3سنوات وتسمى مرحلة الكفاءة الثانوية والثانية مدتها سنتان وهي المرحلة الثانوية و يشترط للالتحاق بها
ضرورة الحصول على شهادة الثقافة العامة.و الجدول التالي يوضح الخطة الدراسية التي كانت متبعة في مدرسة البعثات بمرحلتيها"الكفاءة المتوسطة والثقافة العامة"حتى عام 1365هـ.
جدول رقم(5)يوضح الخطة الدراسية ومواد الدراسة لمدرسة تحضير البعثات حتى عام1365هـ.
مرحلة الكفاءة الثانوية
مرحلة الثانوية ( الثقافة العامة )
السنة الأولى
السنة الثانية
السنة الثالثة
المواد
السنة الرابعة
السنة الخامسة
اللغة العربية
اللغة الانجليزية
توحيد
حساب
رسم
سنن الكائنات
تقويم البلدان
تاريخ
فقه
حديث
مطالعة
تفسير

اللغة العربية
اللغة الانجليزية
سنن الكائنات
رسم
جبر
تقويم البلدان
هندسة
توحيد
حساب
فقه
تاريخ
حديث
تفسير
مطالعة
اللغة العربية
اللغة الانجليزية
قواعد
خواص الأجسام
رسم
جبر
تقويم البلدان
هندسة
فقه
سنن الكائنات
توحيد
تاريخ
حديث
تفسير
التوحيد
الفقه
تفسير و حديث
القواعد
المطالعة
الإنشاء
أدب ومحفوظات
البلاغة
انجليزي
تاريخ
تقويم البلدان
سنن الكائنات
باقي المواد
علوم الأحياء
الهندسة
الجبر
الرسم
1
1
1
1
1
1
1
1
9
2
1
4
2
-
4
5
1
1
1
1
1
1
1
1
1
8
2
1
4
2
3
4
3
1

ثم أضيف بعد ذلك إلى المرحلة الثانوية سنة ثالثة تتفرع فيها الدراسة إلى قسمين(علمي,وأدبي)ومن ينجح في هذه المرحلة
يحصل على الشهادة التوجيهية,قد انتدب للتدريس في هذه المدرسة مدرسون مصريون أكفاء,و قد بلغ عدد الطلاب الذين
تخرجوا في الجامعات المصرية بعد إبتعاثهم في الفترة بين عامي 1365هـ-1368هـ(43)طالباً سعودياً.
2-المعهد العلمي السعودي:
وهو يعد أقدم مؤسسة تعليمية في عهد المملكة لما هو فوق المرحلة الابتدائية وقد افتتح هذا المعهد لأول مرة في مكة المكرمة في أوائل سنة 1345هـ,و في شهر رجب من نفس العام تم افتتاح قسم ليلى بالمعهد للموظفين الذين يرغبون في تحصيل العلم,وكان يشترط في القبول بهذا المعهد حصول الطالب على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية أو ما يعادلها.
و لقد كان الهدف من إنشاء هذا المعهد إعداد خريجين ليكونوا مدرسين في المرحلة الابتدائية,وكانت مدة الدراسة بهذا المعهد في بادئ الأمر(3)سنوات تسبقها سنة إعدادية,و في عام 1352هـ أنشأت مديرية المعارف بهذا المعهد فرعاً للقضاء الشرعي,و قد لحق بهذا المعهد عدد من التطورات التي كان من أهمها ما حدث في عام 1366هـ و التي تمثلت فيما يلي:
أ-زيادة مدة الدراسة بالمعهد لتصبح خمس سنوات بعد الحصول على الشهادة الابتدائية, وذلك بغرض تقوية الخريجين و أصبحت الدراسة في هذا المعهد تنقسم إلى مرحلتين:
الأولى:ومدتها 3 سنوات يدرس الطالب أثناءها اللغة العربية و مواد الثقافة الدينية و المواد الاجتماعية والرياضيات.
الثانية:ومدتها سنتان يدرس الطالب فيها مواد تربوية مثل علم النفس و التربية العملية إلى جانب مواد الثقافة العامة التي
كانت تدرس في المدارس الثانوية العامة مع زيادة في عدد دروس اللغة العربية و تخفيض بسيط في عدد دروس اللغة العربية الانجليزية و في نهاية كل سنة من هاتين السنتين كان الطلاب يتدربون على التربية العملية في المدارس الابتدائية.
ب-تقرر تعميم المكافأة الشهرية على جميع الطلبة الملتحقين بالمعهد لتصبح ستون ريالاً شهرياً بعد أن كانت أربعين ريالاً للسنوات الثلاث الأولى و ستون ريالاً للسنتين الآخرين فقط.كما تقرر إيفاد الخريجين المتفوقين في بعثات دراسية إلى الجامعات و المعاهد المصرية.
ج-تم تعديل المناهج بحيث أصبح بإمكان الطالب أن يتخصص في العلوم الشرعية أو اللغة العربية كما اهتمت المناهج بالعلوم الاجتماعية و الرياضية و أصبحت اللغة الانجليزية تدرس في سنوات التعليم الخمس بالمعهد بعد أن كانت تدرس قبل هذا التعديل في السنة الثالثة فقط.
و كان الطلاب الذين يتخرجون في هذا المعهد ولا يرغبون في العمل بالتدريس يسمح لهم بالالتحاق بكلية الشريعة الإسلامية أو كلية المعلمين,كما كان يسمح لهم بالالتحاق بالجامعات في الأقطار العربية المجاورة.
ج-مدرسة دار التوحيد:
في عام 1364هـ برز نمط جديد من التعليم يختلف في هدفه عن أهداف المعهد العلمي و مدرسة تخضير البعثات و تمثل ذلك النمط في إنشاء مدرسة دار التوحيد بالطائف لتزويد من يريد أن يتعمق أو يتخصص في دراسة مبادئ الشريعة الإسلامية و كانت مدة الدراسة بها خمس سنوات,ويشترط لالتحاق الطالب بهذا المدرسة حصوله على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية و كان الطالب يدرس في هذه المدرسة مواد الشريعة الإسلامية و اللغة العربية,و الجدول التالي يوضح الخطة الدراسية لمدرسة دار التوحيد و التي استمرت متبعة منذ إنشائها عام 1364هـ حتى عام 1381هـ حيث تم تعديلها بعد ذلك و أضيفت إليها بعض المواد الحديثة التي تدرس في المدارس الثانوية العامة كما تعدل نظام الامتحانات فيها,غير أن البحث سوف لا يتعرض لهذه التعديلات و التطورات التي حدثت بعد عام 1381هـ نظراً لأنها تقع خارج نطاق الفترة الزمنية المحددة للبحث الحالي و التي تقف عند عام 1374هـ.
جدول رقم (6)يوضح الخطة الدراسية المتبعة في مدرية دار التوحيد منذ إنشائها وحتى عام 1381هـ
المادة
السنة الأولى
السنة الثانية
السنة الثالثة
السنة الرابعة
السنة الخامسة
القرآن حفظاً
التفسير
علوم القرآن
الحديث
التوحيد
الفقه
أصول الفقه
الفرائض
النحو
الصرف
المطالعة
المحفوظات وآداب اللغة
البلاغة
الإنشاء
العروض
الإملاء
التاريخ
2
3
1
4
2
5
1
2
5
-
1
2
-
2
-
2
2
2
3
1
3
2
5
1
2
4
-
1
2
2
2
-
2
2
2
3
1
3
2
5
1
2
4
-
1
2
2
2
-
2
2
1
3
1
3
2
5
1
2
4
2
1
2
2
1
2
-
2
1
3
1
3
2
5
1
2
4
2
1
2
2
1
2
-
2
المجموع
34
34
34
34
34


وكان الطلاب يتقدمون لعقد امتحان مع نهاية السنة الثالثة يحصل الطلاب بعدها على شهادة كفاءة دار التوحيد وفي نهاية السنة الخامسة يمنح الطلاب الناجحون شهادة مدرسة دار التوحيد,تلك الدار التي أسستها مديرية المعارف لتكون جزءً من خطة رسمتها لتكون هذه المرحلة من مراحل أعداد الطلاب ليواصلون تعليمهم الشرعي العالي داخل المملكة.
و لعلنا نلحظ أن هذه المدارس التي أوردناها فيما سبق تمثل مرحلة التعليم الثانوي وما في مستواها وهي كلها تعد الأفراد للالتحاق بالتعليم العالي,وكان يشترط للالتحاق بها حصول الطالب على شهادة إتمام الدراسة بالمرحلة الابتدائية,ومن ثم فهي تمثل نمط التعليم الثانوي الذي عرفته المملكة في عهد الملك عبد العزيز.
3-التعليم الفني في عهد الملك عبد العزيز:
أما عن التعليم الفني في المملكة فقد وجدت له جذور أيضاً في عهد الملك عبد العزيز,وقد تمثلت هذه الجذور في ذلك النوع من التعليم الصناعي الذي أنشأته مديرية المعارف تحت مسمى المدرسة الصناعية بجدة,والتي تأسست في عام 1367هـ وذلك لمواجهة الحاجة الماسة لهذا النوع من التعليم,وكان نظام الدراسة في هذه المدرسة ينقسم إلى قسمين:
الأول:وهو القسم الابتدائي و يقبل فيه التلاميذ الذين لم يحصلوا على الشهادة الابتدائية,وكانت مدة الدراسة في هذا القسم
ثلاث سنوات و يدرس فيها التلاميذ مواد اللغة العربية و الحساب و الرسم والصحة العامة و العلوم و اللغة الانجليزية,وهذه المواد كانت تمثل 18 حصة أسبوعياً من الخطة التي كانت عدد ساعاتها 40 حصة أسبوعياً,أما باقي الحصص وعددها 22 حصة فكانت تخصص لدراسة المواد الفنية المعروفة باسم أعمال الورش.
الثاني:هو القسم الثانوي الذي يقبل فيه التلاميذ الذين حصلوا على الشهادة الابتدائية وكانت مدة الدراسة في هذا القسم ثلاث
سنوات أيضاً يدرس فيها التلاميذ مواد ثقافية مثل اللغة العربية و اللغة الانجليزية والعلوم والمواد الفنية مثل الرسم الهندسي,والرسم الصناعي والتكنولوجيا والحساب و الجبر والرياضة التطبيقية والقوة المحركة,والكهرباء وأعمال الورش.
*وقد اشتملت هذه المدرسة على خمسة أقسام هي:
أ-قسم الصناعة الميكانيكية (البرادة-الخراطة-الحدادة).
ب-قسم النجارة.
ج-قسم الخياطة.
د-قسم الكهرباء.
هـ-قسم هندسة السيارات.
وفي بداية عهد وزارة المعارف تم تطوير هذا النوع من التعليم حيث أصبحت مدة الدراسة في هذه المدرسة خمس سنوات بعد المرحلة الابتدائية و ذلك في الفترة من عام 1376هـ-1381هـ,ثم ألغيت أربع سنوات بعد المرحلة الابتدائية و ذلك في الفترة من 1382هـ-1384هـ,ثم ألغيت هذه المدرسة كلية بعد هذا التاريخ.وحل محلها المدارس المهنية الثانوية.
4-التعليم العالي في عهد الملك عبد العزيز:
عندما نبحث عن جذور التعليم العالي في المملكة نجد أنه بدأ في أواخر عهد الملك عبد العزيز حيث أنشئت كليتان للتعليم العالي قامت مديرية المعارف بتأسيسها الأولى هي كلية الشريعة بمكة المكرمة عام 1369هـ,والثانية كلية المعلمين بمكة أيضاً عام 1372هـ.وقبل افتتاح هاتين الكليتين لم يكن للتعليم العالي وجود، حيث كانت الدولة تكتفي بإرسال البعثات للدراسة الجامعية خارج البلاد نظراً لقلة خريجي المدارس الثانوية بالمملكة حينذاك.
أما بالنسبة لكلية الشريعة الإسلامية فقد كانت الأهداف المعلنة لها أنها تسعى لتخريج المدرس الكفء الذي يقوم على شئون تعليم العلوم الدينية للعمل في المدارس الحكومية,كما كانت تهدف أيضاً إلى تخريج قضاة أكفاء يعملون في مجال القضاء و قد بدأت الدراسة في هذه الكلية بفصل صغير جداً يتألف من بعض الطلاب الذين تخرجوا في"دار التوحيد"بالطائف,أو"المعهد العلمي السعودي"في كل من مكة والمدينة,وأخذت هذه الكلية تخرج المدرسين و القضاة منذ عام 1372هـ حتى نهاية عام 1380هـ حيث تغيرت النظرة إلى أهداف هذه الكلية لتصبح مقصورة على إعداد مدرسين صالحين لمهنة التدريس.
و بالنسبة لكلية المعلمين فقد افتتحت في عام 1372هـ لمواجهة سياسية التوسع في فتح المدارس,وفي بداية إنشائها كانت تضم ثلاث شعب هي:
*اللغة العربية.
*العلوم والرياضيات.
*شعبة الآداب.
وكان يشترط لالتحاق الطالب في هذه الكلية أن يكون حاصلاً على شهادة المعلمين من المعهد العلمي السعودي أو شهادة الدراسة الثانوية,كما كان يؤخذ من أولياء الأمور تعهداّ عند إلحاق أبنائهم بهذه الكلية يتضمن قبول الطالب للعمل في وظائف التدريس في الأماكن التي تحددها لهم السلطات التعليمية.
وقد استمرت الدراسة في هذه الكلية حتى عام 1379هـ حيث أغلقت ووجه الطلاب إلى الالتحاق بكلية الشريعة و التربية التي أطلق عليها الاسم بعد إغلاق كلية المعلمين ثم أعيد افتتاحها مرة أخرى في عام 1382هـ تحت اسم"كلية التربية"وتم افتتاح أقسام جديدة بها إلى جانب الأقسام التي كانت موجودة من قبل وهذه الأقسام الجديدة هي:
*قسم اللغة العربية.
*قسم الرياضيات.
*قسم الفيزياء.



جهود محو الأمية و تعليم الكبار في عهد الملك عبد العزيز:
وتمشيا مع الاهتمام بنشر التعليم ومحاربة الجهل من أجل النهوض بالمملكة,كانت اهتمامات الملك عبد العزيز بمحو الأمية بغرض تحقيق الفرص التعليمية للكبار الذين يرغبون في تعليم أنفسهم إما بغرض محو أميتهم أو لمواصلة التعليم الثانوي و العالي(بنظام الانتساب),ولذلك قامت مديرية المعارف بفتح مدارس ليلة بدء من عام 1351هـ وكان أول هذه المدارس هي مدرسة النجاح في مكة المكرمة ثم تتبعها في عام 1356هـ افتتاح مدرسة ليلية لتعليم اللغة الانجليزية,وفي عام 1368هـ أنشأت مديرية المعارف مدرسة لتحسين الخطوط و التمرين على الآلة الكاتبة باللغتين العربية والانجليزية,ويمكن القول بأن جهود محو الأمية في عهد الملك عبد العزيز مرت بمرحلتين:
1-المرحلة الأولى:و هي مرحلة الجهود الفردية:
وهذه المرحلة تقع قبل عام 1369هـ حيث كان الأفراد يسعون لتعليم أنفسهم بدوافع شخصية من خلال انضمامهم إلى حلقات التعليم في المساجد,وكان التعليم في هذه المرحلة قاصراً على تعليم القراءة والكتابة و خاصة قراءة القرآن الكريم وما يتعلق به من علوم,وقد تطورت هذه الجهود الفردية إلى جهود أهلية شبه منظمة نتيجة لاهتمام بعض الأفراد بالتعليم حيث تألقت لجنة لتشجيع المدارس الأهلية على يد فئة من المثقفين في مكة,وكان هدف هذه اللجنة مكافحة الأمية ونشر التعليم,وقامت هذه اللجنة بالفعل في عام1359هـ بافتتاح ثلاث مدارس في (القرارة,ومحلة الهجلة,وجرول)وكان مقر هذه المدارس في مساجد الأحياء المذكورة,وكان ينفق عليها من التبرعات الأهلية التي تجمع من المواطنين,وقد توقف نشاط هذه المدارس ابتداءً من شهر رمضان عام 1375هـ عندما أخذت وزارة المعارف على عاتقها إنشاء المدارس الليلية لتقوم بهذا الغرض.
2-المرحلة الثانية:وهي مرحلة الجهود الرسمية:
وهي تبدأ من عام 1369هـ عندما استجابت الجهات الرسمية المشرفة على التعليم لرغبات الأفراد لتسهيل انتسابهم إلى المدارس الابتدائية ففتحت لهم أبواب بعض المدارس ليلاً لمكافحة أميتهم وفق خطة للدراسة المسائية المنظمة وكان الدارسون يذهبون إلى هذه المدارس بعد فراغهم من عملهم اليومي,وكان المنهج المطبق هو المنهج الابتدائي بخططه وموارده الدراسية الأمر الذي لم يتلائم مع احتياجات الدارسين الكبار ومن ثم سرعان ما ارتد معظمهم إلى الأمية مرة ثانية مما دفع المسئولين عن الجهات المختصة لإعادة النظر في وضع هذه المدارس ومناهجها.







v استنتاجات الدراسة:
لعلنا نلاحظ من خلال هذا العرض السابق عن تاريخ الحركة التعليمية في عهد الملك عبد العزيز,أن مديرية المعارف التي أنشئت مع بداية عهده,تعد بداية الزحف التعليمي الذي شمل مراحل التعليم وأنواعه,وقد بلغ عدد المدارس التي أنشئت في عهد الملك عبد العزيز نحو (312 مدرسة ابتدائية حكومية,14مدرسة ابتدائية أهلية,11مدرسة حكومية ثانوية,4 مدارس ثانوية أهلية,وثمانية معاهد لإعداد المعلمين,وكلية للشريعة,وكلية للمعلمين,6مدارس لتعليم اللغة الانجليزية,ومدرسة مسائية واحده لتعليم الآلة الكاتبة,ومدرسة واحدة للتعليم الفني الصناعي) .
ومما يؤكد حزم الملك عبد العزيز وصرامته في السعي من أجل نشر التعليم بين أبناء المملكة أنه بعد افتتاح دار التوحيد والتحاق التلاميذ فيها,كان هناك بعض أولياء أمور التلاميذ الذين أساءوا فهم الدور الذي تقوم به المدرسة فأرسلوا إلى جلالته طالبين إعفاء أولادهم من الاستمرار في مدرسة دار التوحيد,فجاء رد الملك عبد العزيز بقوله:"يا أشباه الرجال,ولا رجال أنتم,تريدون أن يكون أولادكم من الثيران والبهائم,ونحن نريد أن يكونوا علماء أفاضل ينيرون السبيل و يفهمون أمر دينهم,لا سبيل إلى الإعفاء"وفعلاً واصل التلاميذ دراستهم وأصبحوا رجالاً عالميين من علية القوم خدموا بلادهم بإخلاص ووطنية في شتى الوظائف.
ومن خلال هذا العرض عن التعليم في عهد الملك عبد العزيز أيضاً نجد أن أهم ما يجب أن نتوقف عنده هو حرص الملك المؤسس على تجنيد كل إمكانيات الدولة-رغم ضآلتها آنذاك-لخدمة التعليم ولفتح المدارس,وتوفير الإمكانيات و التجهيزات باستمرار,ولقد كان الملك عبد العزيز يواجه ويناقش ويعلم ويقوم بنفسه بالإشراف على مجموعة من التجارب التربوية التي أسهمت في تطور النظام التعليمي بالمملكة.
ومن خلال تتبعنا لمراحل نمو الحركة التعليمية في عهد الملك عبد العزيز نستطيع أن نستخلص أيضاً أن"السلم التعليمي"في هذه الفترة وبالتحديد حتى عام 1362هـ كان يتكون من:
3 سنوات تحضيري.
4 سنوات ابتدائي.
4 سنوات ثانوي.
4 سنوات تعليم عالي.
ثم أجرى في عام 1362هـ تغير في عدد سنوات المرحلة الابتدائية بحيث أصبحت 6سنوات بعد إدماج المرحلة الابتدائية مع المرحلة التحضيرية,وكذلك أدخل على التعليم الثانوي تعديلات أخرى ليصبح 6 سنوات في مدارس البعثات وخمس سنوات في المدارس الدينية وكانت تنقسم إلى قسمين,القسم التجهيزي ومدته 3 سنوات والقسم الثانوي سنتان يلتحق الطالب بعدها بالتعليم العالي المتمثل في كليتي الشريعة والمعلمين,ولعل الشكل التالي يوضح السلم التعليمي في المملكة الذي كان متبعاً حتى عام 1372هـ قبل وفاة الملك عبد العزيز بعام حيث توفى في الثاني من شهر ربيع الأول سنه 1373هـ .
وسيحاول الباحث من خلال هذا الشكل توضيح السلم التعليمي بمراحله المنتهية والممتدة من حيث المراحل و عدد سنوات الدراسة.




الشكل التالي يوضح السلم التعليمي في المملكة العربية السعودية حتى عام 1372هـ


و لعلنا نستخلص من هذا العرض أيضاً من هذه المرحلة الأولى من مراحل التعليم في المملكة ما هي إلا مرحلة بذر البذور و فتح طريق أمام الآخرين ليواصلوا ما بدأه الملك عبد المؤسس من جهود و إنجازات,وهذا ما تحقق بالفعل في المرحلة الثانية من مراحل التعليم والتي تبدأ مع إنشاء وزارة المعارف في عام 1373هـ,والتي أمر بإنشائها الملك عبد العزيز قبل وفاته بشهر تقريباً,وقد حظيت هذه الوزارة بأن أوكلت رئاستها بالقرار رقم 5/3/26/4950 بتاريخ 18/4/1373إلى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز آل سعود"خادم الحرمين الشريفين حالياً"الذي ظل يرعى الأمانة منذ أول يوم في وزارته حتى الآن و اعتبر بحق رائد التعليم في المملكة وراعيه الأول.
ولعل الفترة التي تشمل السنوات الأولى لوزارة المعارف تستحق دراسة مستقلة تكشف عن جهود الملك عبد العزيز في تحقيق تلك النقلة الكميه و الكيفية التي وضعت التعليم في المملكة على طريق التطور والنمو,وهذا ما ينوي الباحث القيام به في أبحاث مقبلة بإذن الله تعالى.





v   مراجع البحث:
1-حافظ وهبه، جزيرة العرب في القرن العشرين,الطبعة الخامسة,لجنة التأليف والترجمة والنشر,القاهرة,1387هـ,ص124.
2-أحمد السباعي، تاريخ مكة,الطبعة الرابعة,الجزء الأول,دار مكة للطباعة والنشر,1399هـ,ص580.
3-أحمد منير مصلح، نظم التعليم في المملكة العربية السعودية والوطن العربي,عمادة شؤون المكتبات,جامعة الملك سعود,الرياض,1402هـ,ص44ص47.
4-إبراهيم محمد إبراهيم، التعليم النظامي وغير النظامي في المملكة العربية السعودية بين الماضي والحاضر,عالم المعرفة للنشر والتوزيع,جده ,1405هـ,ص36.
5-مركز المعلومات الإحصائية والتوثيق التربوي، إحصائيات التعليم في المملكة العربية السعودية,العدد15,وزارة
المعارف,الرياض,1401هـ,ص6.
6-إدارة الوثائق التربوية، تطور أنظمة الامتحانات والخطط الدراسية في جميع مراحل التعليم في المملكة العربية السعودية من عام 1346هـ حتى 1390هـ,وزارة المعارف 1390هـ,ص3.
7-مركز المعلومات الإحصائية والتوثيق التربوي، مرجع سابق,ص7.
8-وزارة الأعلام، تطور التعليم,الكتاب الرابع,المملكة العربية السعودية ,بدون تاريخ,ص4.
9-عبد الله عبد المجيد بغدادي، الانطلاقة التعليمية في المملكة العربية السعودية,الطبعة الأولى,الجزء الأول,دار الشروق,جده,1402هـ,ص205.
10-إدارة الوثائق التربوية، مرجع سابق,ص16.
11-عبد الله عبد المجيد بغدادي، مرجع سابق,ص ص223,221.
12-عبد الرحمن صالح عبد الله، تاريخ التعليم في المملكة العربية السعودية في مكة المكرمة ,الطبعة الأولى,دار الشروق
,جدة,1403هـ,ص159-161.
13-خير الدين الزركلي، شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز الجزء الثاني,الطبعة الثانية,دار العلم للملايين, بيروت,1397 هـ ,ص 639.
14-حمد إبراهيم السلوم، تاريخ الحركة التعليمية في المملكة العربية السعودية الكتاب الثاني,الطبعة الثانية,الرياض1408هـ,ص 250.
15-عبد الله الزيد، التعليم في المملكة العربية السعودية,(أ)نموذج مختلف الرياض 1402هـ,ص20.
16-إدارة الوثائق التربوية، مرجع سابق,ص 156.
17-حمد إبراهيم السلوم، مرجع سابق,ص 397.
18-عبد الله عبد المجيد بغدادي، مرجع سابق,ص 377.
19-عبد الله عبد المجيد بغدادي، مرجع سابق,387,279.
20-عبد الرحمن صالح عبد الله، مرجع سابق,ص 166.
21-محمد أمين فلاته، تعليم الكبار في المملكة العربية السعودية أسسه وتطبيقاته,دار الطويل,القاهرة,1979م,67.
22-حمد إبراهيم السلوم، مرجع سابق,ص 13.
23-حمد إبراهيم الحقيل، عبد العزيز في التاريخ,الطبعة الرابعة,مكتبة الرياض الحديثة,الرياض,1410هـ,ص37.
24-مركز المعلومات الإحصائية والتوثيق التربوي، أربعون عاماً من عمر التعليم في وزارة المعارف,من 1373هـ-
1413هـ,سمات وملامح وزارة المعارف,الرياض1414هـ,ص27.
25-عبد المنعم الغلامي، الملك الراشد عبد العزيز آل سعود,دار اللواء,الرياض,198م,ص392.
26-مركز المعلومات الإحصائية والتوثيق التربوي، مرجع سابق,ص32.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق